الأحد، 19 ديسمبر 2010

قصة وصول الوثائق الأمريكية إلى ويكيليكس

في وقت سابق من العام الجاري وصل جهاز للذاكرة الصلبة لا يتجاوز حجمه حجم الإصبع إلى أحد مراسلي صحيفة الغارديان. كان الجهاز صغيرا جدا بحيث يمكن تعليقه بحاملة مفاتيح، ولكن محتواه ضخم وتسبب نشره في هزة عنيفة طالت حكومات العالم.

سعة الجهاز التخزينية كانت 1.6 غيغابايت، واحتوى على ملايين الكلمات هي محتوى أكثر من ربع مليون وثيقة من وثائق وزارة الخارجية الأميركية، أرسلت من وإلى السفارات الأميركية في كافة أنحاء العالم.

ما ظهر وسيظهر في الأسابيع القادمة هو كشف غير مسبوق للدبلوماسية السرية للقوة العظمى الوحيدة في العالم، وطريقة تعاملها مع حلفائها وأعدائها، وكيف تفاوضهم وتضغط عليهم في بعض الأحيان، ويصل الأمر إلى نعت الزعماء بأبغض النعوت، وكل ذلك خلف الكواليس ومن خلال قنوات خلفية وتصنيفات سرية، ظنّ الدبلوماسيون أنها عالمهم السري الخاص الذي لن يطلِّع عليه أحد غير أميركي في يوم من الأيام.

حبس انفرادي
الجيش الأميركي يعتقد أن المسؤول عن التسريبات هو الجندي برادلي ماننغ البالغ من العمر 22 عاما، والذي يحتجز في زنزانة انفرادية منذ سبعة أشهر، وينتظر محاكمة عسكرية في أوائل العام المقبل.

المحلل السابق في جهاز المخابرات متهم بتنزيل وثائق مصنفة على أنها سرية بدون تخويل رسمي، عندما كان يخدم في قاعدة عسكرية أميركية قرب العاصمة العراقية بغداد.

ماننغ مشتبه فيه على أنه قام بتصوير نسخ من أرشيف وزارة الخارجية، وكذلك تسريب ملف فيديو يحتوي على تصوير لطائرة مروحية أميركية تقتل مدنيين عراقيين، بالإضافة إلى آلاف الوثائق المتعلقة بالحرب في العراق وأفغانستان.

ماننغ وصف لأحد رفاقه عملية تسريبه للوثائق بأنها سهلة إلى درجة ساذجة. قال ماننغ "آتي إلى العمل ومعي قرص مدمج عليه موسيقى مثل "ليدي غاغا" (مغنية أميركية).. أمسح الموسيقى.. ثم أنسخ مكانها ملفات مضغوطة ولا يشك أحد في أي شيء... أصغي لأغنية "تليفون" لليدي غاغا، وأحرك شفتي مع الموسيقى بينما أقوم بتهريب ما يمكن أن يكون أكبر عملية تسريب في التاريخ الأميركي".

تخويل غير مسبوق
ماننغ قال إنه تمتع بتصريح غير مسبوق لمدة 14 ساعة طوال أيام الأسبوع للدخول إلى شبكات مصنفة على أنها سرية، وإن تصريحه استمر لمدة ثمانية أشهر كاملة.

وأضاف ماننغ لشريكه أدريان لامو (الذي أرشد في النهاية السلطات للقبض على ماننغ) "هيلاري كلينتون والآلاف من الدبلوماسيين حول العالم سوف يصابون بنوبة قلبية عندما يستيقظون ذات صباح ليجدوا أن كامل أرشيفهم المصنف الخاص بالسياسة الخارجية قد أصبح متاحا وبصيغة تتيح البحث لكافة الناس.. في أي بقعة من العالم حيث توجد سفارة أميركية هناك فضيحة دبلوماسية سوف يكشف النقاب عنها. فوضى على مستوى العالم بصيغة حاسوبية مبسطة.. إنه لأمر ممتع ومرعب".

وأضاف ماننغ "تلك المعلومات هي ملك الناس، وتنتمي لهم".
وحسب تلك المحاورات، فإن ماننغ قام بتحميل الوثائق التي رفعها على موقع ويكيليكس الذي وصفه بأنه "ناشط في حرية تداول المعلومات"، والذي يقوده قرصان الحاسوب السابق جوليان أسانج.

ويظهر أن أسانج ومجموعته قرروا فورا تمرير المعلومات إلى النشر، إضافة إلى معلومات أخرى متوفرة لديهم "لتضخيم الصدمة السياسية"، حسب ما قالوه على موقعهم الإلكتروني.

خسائر جانبية
في أبريل/نيسان الماضي أعلنوا في مؤتمر صحفي بواشنطن إطلاق تصوير مروحية الأباتشي الأميركية الذي أطلقوا عليه عنوان "القتل كخسائر جانية".

نيك ديفز أحد أفراد طاقم الغارديان اتفق مع أسانج على تسليمه نموذجين من الوثائق العسكرية المصنفة سرية عن العمليات الميدانية في حربي العراق وأفغانستان، ليتسنى للصحفيين المتخصصين تحليلها.

وقد أظهرت الوثائق -التي نشرت في وقت سابق من هذا العام في صحف مثل نيويورك تايمز وديرشبيغل الألمانية بالتزامن- أن قوات التحالف قتلت مدنيين في السابق ولم يتم الإفصاح عن ذلك، كما أنها سلمت سجناء إلى جهات كانت تعلم جيدا أنها ستعذبهم.

ورغم أن التسريبات قد أكسبت أسانج وموقعه صيتا عالميا واسعا، فإنها أيضا تسببت في غضب عارم في البنتاغون واليمين المتطرف الذي تعالت أصوات من داخله تطالب بالقبض على أسانج أو حتى اغتياله.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت السويد مذكرة اعتقال دولية بحق أسانج للتحقيق معه في جرائم جنسية مزعومة. لكن محاميه يقول إن تلك مجرد مزاعم لا تستند إلى الحقائق.

ويقول ويكيليكس إنه بصدد نشر مجموعة مختارة أخرى من الوثائق. وقد حصلت أيضا الناشطة في مجال حرية المعلومات هيثر بروك -من خلال اتصالاتها- على نسخة من الوثائق والتحقت بفريق عمل الغارديان.

وتتوقع الغارديان أن تنشر الوثائق القادمة بصورة مستقلة، ولكن بالتزامن مع نيويورك تايمز ودير شبيغل ولوموند الفرنسية وإلباييس الإسبانية.
الجزيرة عن الغارديان البريطانية
 

ويكيليكس بالعربي خفايا وأسرار السياسة العالمية 2010 - 2011

الصفحة الرئيسية | من نحن | اتصل بنا |